من آداب المستفتي ..
هذه إضاءات تنير درب المستفتين .. وهي إشراقات ترسم طريق السائلين .. لتنير دربهم .. وتوضح منهجهم ..
1- يجب على المستفتي أن يسأل أهل العلم عن الأحكام الشرعية التي لا يعرفها والنوازل الحادثة التي يجهلها ، يقول سبحانه : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ، وخاصة من وقعت له حادثة وجب عليه أن يسأل عنها ، فمثلا لو صار عنده مال يبلغ نصابا وجب عليه أن يعرف أحكام الزكاة ، ومن كان تاجرا يبيع ويشتري يجب عليه أن يعرف أحكام البيع إلى غير ذلك ، لكن لا يجب عليه معرفة دقائق الأحكام وتفاصيل المسائل إلا ما احتاج إليه منها .
2- ويجوز للمستفتي أن يسأل عن المسأله التي لم تقع بعد إذا كان غرض السائل معرفة الحكم لاحتمال وقوعها .
3- وقد كثر في هذه الأزمنة من يفتي بغير علم ويجيب عن كل مسألة فيحرص المستفتي أن لا يسأل إلا من علم أنه من أهل العلم والإفتاء ولا شك بأنه لو استعصى عليه شيء متعلق بمسألة دنيوية كمرض أو غير ذلك لسأل عن ذلك المختصين .
4- دأْب بعض المستفتين إذا لم يعجبه فتوى من أفتاه سأل غيره حتى يفتيه بما يريده ، وهنا كان مقصود المستفتي اتباع الهوى وليس اتباع الحق ، وفي هؤلاء يقول سبحانه : ( فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهوائهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) ، ومعلومٌ أن من تتبع الرخص تزندق عافانا الله وإياكم .
5- إذا حصل الخلاف في مسألة وتعدد المفتون فيها فينبغي على المستفتي أن يعرض سؤاله على الأكثر علما والأحسن ورعا والأفضل دينا وسوف يعرف ذلك بالسؤال عن حال المفتي وباشتهار أمره بين الناس فيأخذ بقوله دون غيره .
6- ويجوز للمستفتي أن يطلب من المفتي الدليل على المسألة التي يريد السؤال عنها فمن حقه أن يتأكد ويتبين ولا مجال للتأكد من صحة الفتوى إلا بالدليل وهذا حقه .
7- إذا سئل المستفتي عن مسألة وأجابه المفتي فللمستفتي الحق في أن يفتي غيره بها وهنا ينبغي أن ينقل له نص فتوى من أفتاه بها .
8- إذا أجاب المفتي على سؤال المستفتي فيجب على المستفتي أن يعمل بالفتوى ، فقد اختاره وارتضاه للسؤال فلا مجال له إلا أن يعمل بفتواه : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخِيَرة من أمرهم ومن يعصِ الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) ، فليست القتوى بالتشهي ولا بالاختيار وإنما الواجب العمل بها ، ويكون مقلدا لصاحب الفتوى وأما إذا رجع المفتي عن هذه الفتوى وعلم المستفتي برجوعه عنها فعليه أن يرجع عن العمل بها وعليه أن يعيد استفتائه ويعمل بما بما أفتاه به .
9- أن يحرص المستفتي أن يظهر تواضعه واحترامه وتقديره لمفتيه فلايرفع صوته عليه أو يقطع حديثه أو يقسوا في سؤاله .
10- ينبغي على المستفتي أن يختار الوقت والمكان المناسب لسؤاله فلا يستفتيه وهو مشغول بغيره ولا يتصل عليه في وقت نومه .
11- وما أكثر تلك الأسئلة المبهمة التي نسمعها في برامج الإفتاء .
التي تحتاج توضيحا وتتطلب تفصيلا فينبغي للمستفتي أن يوضح سؤاله وأن يبين مراده حتى يتضح المقصود فتسهل الإجابة على المفتي ولربما لا تحتاج إلى مزيد تفصيل ولا تتطلب مزيد تقسيم .
12- إذا أجاب المفتي عن سؤال المستفتي فلا ينبغي على المستفتي أن يرد عليه بقوله : قد أفتاني فلان بخلاف ذلك .. ومعلوم أن لكل مفتٍ فتواه ، ولو لم يرتضيه لم يسأله ؛ فما الفائدة من ذكر ذلك .
13- ومن جميل أدب المستفتي أن يدعو لمفتيه قائلا : ما تقول - عفا الله عنك - وفقك الله - أحسن الله إليك ، فإنها أدعية مباركة يستحقها من أفتاك ، وهو من رد الجميل وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان .
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد ..
محمد بن علي الشهري
إمام وخطيب جامع المتعب بتبوك